Pages

samedi 10 mars 2012

الشباب العربي والعمل التطوعي

لمتابع لمساهمة الشباب العربي في العمل التطوعي يلاحظ محدودية مشاركتهم فيه؛ ففي دراسة ميدانية قامت بها “الشبكة العربية للمنظمات الأهلية” تبين أن الشباب العربي من سن 15 إلى 30 عاما هم أقل الفئات اهتماما بالعمل التطوعي.يقابل هذا التراجع العربي مشاركة فعالة من الشباب في دول العالم المختلفة؛ فنجد على سبيل المثال أن 91% من سكان كندا الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة مشاركون فاعلون في العمل التطوعي، وفق إحصاءات سنة 2000م.
وتشير الأرقام إلى أن 45% من سكان ألمانيا في نفس الشريحة العمرية منضمين إلى منظمات العمل التطوعي المختلفة.
عوامل العزوف
تقول الدكتورة أماني قنديل، المديرة التنفيذية للشبكة العربية للمنظمات الأهلية: إن هناك مجموعة من العوامل التي تفسر محدودية مشاركة الشباب في العمل التطوعي؛ أولها انخراط الأسرة في حث الأبناء على العملية التعليمية، دون توجيه اهتماماتهم إلى قيمة التطوع ومساعدة الآخرين، وثاني هذه العوامل يتمثل في العملية التعليمية؛ فالأنشطة التعليمية تكاد تخلو من أي دفع وتطوير لقيمة التطوع ومساعدة المجتمع المحلي على النمو والتقدم.
وتضيف: أما ثالث هذه العوامل فهي الضغوط الاقتصادية الواقعة على كاهل الشباب هذه الأيام، والتي دفعتهم إلى توجيه جل الاهتمام إلى البحث عن فرصة عمل وعن لقمة العيش.
أما الباحث الاجتماعي “أيمن ياسين” فيعدد مجموعة أخرى من العوامل التي تحد من مشاركة الشباب العربي في العمل التطوعي، ذكر في مقدمتها عدم تشجيع الحكومات لمؤسسات العمل التطوعي داخل مجتمعاتنا، الأمر الذي أدى إلى نشوء حالة من عدم الوعي بمفهوم التطوع وفوائد المشاركة فيه على الفرد والمجتمع.
ويتابع: ترجع أحيانا قلة مشاركة الشباب في العمل التطوعي إلى المؤسسات التطوعية نفسها؛ فبعضها يخاف من عدم التزام الشباب المتطوع بالأعمال التي تسند إليه، وبالتالي بعضها لا يحاول اجتذابهم إليها من الأساس، وتقوم بإسناد الكثير من أعمالها إلى مجموعة بعينها تسلط عليها الضوء، ومن ثم يشعر الشباب بعدم فاعليتهم في هذه المنظمات في حالة ذهابهم إليها، فينفرون منها، ويأخذون موقفا سلبيا من بقية المؤسسات.
ويضيف: كما أن الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو التطوعية في بلداننا لا تجيد التعبير عن نفسها وبرامجها بشكل يجعل الشباب يقبل عليها، ولا يتركز اهتمام معظم هذه المؤسسات إلا على أساليب جمع التبرعات فقط، دون الإعلان عن الأهداف والغايات التي تعمل من أجلها.
آليات التشجيع
وعن آليات تشجيع الشباب على الإسهام في العمل التطوعي، تقول الدكتورة أماني قنديل: إن الأمر يحتاج إلى إبداء اهتمام رئيسي بجيل الشباب، ويمكن في هذا الإطار التخطيط لبرامج تنشيطية تطوعية في المدارس والجامعات توضح أبسط صور التطوع والعمل الخيري؛ لأن المجتمع المحلي في حاجة ماسة إلى جهود هؤلاء الطلاب الشباب، الذين يمكن الاستفادة من جهودهم التطوعية، من خلال توظيفها في مشروعات تخدم البيئة أو التنمية المحلية.
وتمضي قائلة: كذلك من المهم أن نفكر جديا في افتتاح عدة مراكز لتوجيه المتطوعين، وهي آلية متوفرة في أغلب الدول المتقدمة وفي بعض البلدان العربية (الأردن – فلسطين). وتعتبر مراكز توجيه المتطوعين وسيطا بين رغبة وإرادة المتطوع في تخصيص وقت أو جهد للتطوع، والمجال المناسب الذي يمكنه التطوع فيه، اعتمادا على ظروفه وقدراته ومهاراته. كما تقدم مراكز التطوع التدريب المتخصص للمتطوعين؛ ومن ثم ترفع الضمانات لفعالية العمل التطوعي وأداء الشباب بداخله. وتضيف إلى ما سبق الدور الذي يمكن أن تلعبه النوادي ومراكز الشباب من خلال تدريب وتوجيه الشباب نحو مشروعات حقيقية تعتمد على العمل التطوعي.
وتختم الدكتورة د. أماني قنديل بالقول: إن كثيرا من دول العالم قد اتخذت بالفعل خطوات تنفيذية لتعظيم العمل التطوعي، الذي بات يشكل ركنا أساسيا في القرن الحادي والعشرين، من ذلك قرارات وزراء التعليم لتوجيه اهتمام القائمين بالعملية التعليمية للاهتمام ببث وتطوير قيمة التطوع. وقد قامت بعض الدول بتوزيع الإعلان العالمي للتطوع على طلاب المدارس والجامعات، بالإضافة إلى تنظيم حملات تطوعية، وخصصت بعض الدول الأخرى الجوائز لأفضل عمل تطوعي بين الشباب؛ ولذا أتمني من بلداننا العربية سرعة التحرك لتفعيل مشاركة الشباب في العمل التطوعي مثل هذه البلدان.
الرهان على الإعلام
أما الدكتورة ليلى عبد المجيد أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، والناشطة في مجال العمل التطوعي فتقول: يقع العبء الأكبر في دفع الشباب وتشجيعهم على العمل التطوعي على عاتق وسائل الإعلام الجماهيرية؛ لأنها بكل ما تملكه من إمكانيات للتأثير والإقناع قادرة على إحداث نقلة نوعية على صعيد مشاركة الشباب في هذا العمل؛ ولذا نطالب وسائل الإعلام بأن تلقي الضوء على النماذج والخبرات الناجحة في هذا المجال، حتى تدفع آخرين للسير على دربهم.
وتضيف: مطلوب أيضا من وسائل الإعلام أن تلقي الضوء على المجالات التي يحتاج المجتمع لمتطوعين فيها، والأماكن التي يمكن للشباب أن يتوجه إليها في حال رغبته في المشاركة، فضلا عن ضرورة فتح وسائل الإعلام لحوار مفتوح حول واقع الممارسة التطوعية في بلداننا؛ حتى نستطيع أن نصل فيها إلى الشق المؤسسي المنشود من خلال التواصل بين الخبرات والأجيال في مختلف البلدان؛ وحتى لا يشعر كل فرد بأنه يعمل في جزيرة نائية بعيدا عن الآخر، مع التأكيد على خلق كوادر تمثل صفًّا ثانيا في إدارة المؤسسات الأهلية والتطوعية من الشباب حتى نزيد من انتمائهم لها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire