Pages

mercredi 21 mars 2012

السيدة سلامي: امرأة في خنادق الموت

برز اسم السيدة سلامي في الجزائر بعدما وجدت نفسها مجبرة على دخول ميدان لم يكن بمقدور الكثير من الرجال، ولوجه بسبب خطورته وكثرة التحديات التي كانت تهدد حياة الناشطين فيه، فقد دخلت السيدة سلامي وهي صاحبة الثمانية والثلاثين سنة من عمرها عالم المواجهة المسلحة مع الجماعات الإرهابية التي ضربت بقوة في القرى الجزائرية لتقوم بخط رسائل سوداء كان حبرها من دماء الأبرياء العزل.
دخلت هذه  السيدة  ميدان المقاومة ضد الإرهاب، بعد أن شهدت وابنتها الوحيدة مقتل زوجها على أيدي مجموعة إرهابية كانت قد طاردته على مدار سنتين كاملتين، بسبب قيامه وبعض أفراد عائلته بالدفاع عن أحد جيرانه المطلوبين من طرف الإرهابيين.
تنحدر السيدة سلامي من عائلة ثورية، فوالدها من أوائل المسبلين بمنطقة البليدة إبان الثورة التحريرية، ولا تزال تذكر تلك الدوريات التفتيشية التي كانت تستهدف منزل عائلتها ببوفاريك، والتي كانت تقاومها رغم صغرها، وتقاوم تعجرف الجنود الفرنسيين أثناء تفتيشهم، وقد وجدت نفسها مرغمة على رفع السلاح لتقف وجها لوجه ضد الجماعات الإرهابية التي أقدمت على قتل زوجها بكل برودة في منزله، بعد هجمات عدة وليالي بيضاء كثيرة قضتها مع عائلتها في انتظار جماعات الموت.
 وكان زوج السيدة سلامي من الأوائل الذين حملوا السلاح ضد الإرهاب في تلك المنطقة الريفية، لكن طلبها للحصول على سلاح لم يحظ بالموافقة إلا بعد مقتل زوجها، ومنذ ذلك اليوم تحولت حياة هذه المرأة رأسا على عقب، فأصبحت من المستهدفين الأوائل في القرية، بعدما أبقت بيتها مفتوحا للمقاومين القلة الذين أرادوا تصحيح الوضع، ورد الهجمات الإرهابية التي كانت تطال المواطنين .
تسترجع هذه المرأة أحداث تلك السنوات بكل مرارة.. وهي التي أجبرت على هجر منزلها لمدة فاقت السنتين، لتعود وتشهد مع ابنتها الوحيدة مجزرة بشعة طالت عدة عائلات بالمنطقة، ويحاصر بعدها منزلها ويداهم من طرف مجموعة كبيرة من الإرهابيين، أطلقوا الرصاص على من كانوا نياما بالمنزل، وعلى كل شيء يتحرك .
في تلك الليلة فقدت السيدة سلامي زوجها وأصبحت أرملة، ولم يكن بمقدورها مواصلة مسيرة زوجها بنفس القناعة والتوجه لتكون بذلك أول امرأة واجهت العمليات الإرهابية جنبا إلى جنب مع الرجال.
بعد أكثر من خمس عشرة سنة، تعيش الآن السيدة سلامي في نفس البيت الذي يحتفظ في جنباته بذكريات شاهدة على الأيام التي قضتها فيه بعد موت زوجها، وأخرى سعيدة تعود لسنوات كثيرة قبل ذلك.. يوم دخلت المنزل وهي لم تتخط عتبة العشرين سنة.. نفس البيت يشكل ذاكرة جماعية لسكان هذه المزرعة التي لجأ العديد من سكانها العزل إلى جدران هذا البيت "القلعة" ليحتموا به، بعد تلك الأيام السوداء تحاول هذه السيدة مواصلة حياتها مع أحفادها من ابنتها وابن عمها الذي تكفلت به بعد تلك الأحداث .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire