Pages

samedi 10 mars 2012

خُبراء: شبابنا يسجل أقل نسبة مشاركة في العمل التَّطوعيِّ


"6% من الشَّباب العربيِّ فقط يشاركون في الأعمال التَّطوعيَّة مقابل 100% للشَّباب الإسرائيليِّ". "ظروف اجتماعيَّة واقتصاديَّة وسياسيَّةٌ وراء عزوف شبابنا العربيِّ عن العمل التَّطوعيِّ".. "أعمل بدون مقابلَ لكي أُسْعِدَ النَّاس".. "العمل التَّطوعيُّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ".. بهذه العبارات لخَّص عددٌ من الخبراءِ والشَّباب العربيِّ آراءًهم حول مفهوم العمل التطوعيِّ ومُشكلاته في العالم العربيِّ.
ومع كَوْن المجتمعات العربيَّة، مجتمعاتٍ فتيَّةً؛ حيث تصل نسبة الشَّباب [أي ما بين 15 إلى 34 عامًا] إلى حوالي ما بين 20% إلى 30% من إجمالي تعداد السُّكَّان في البلدان العربيَّة؛ فقد ظهر اهتمام العديد من الأوساط الأكاديميَّة والاجتماعيَّة الأهلَّيَّة بكيفيَّة تفعيل دور هذه القوَّة البشريَّة في خدمة مجتمعاتها، من خلال العمل التَّطوعيِّ عن طريق مختلف القنوات.
إلا أنَّ هذه المحاولات كشفت عن العديد من المشكلات الموجودة في أوساط الشَّباب العربيِّ، التي أدَّت ليس إلى عزوفه عن العمل التَّطوعيِّ فحسب؛ بل إلى عدم مشاركته في الشَّأن العام كلِّه؛ ففي دراسةٍ أجراها المعهد القوميِّ المصريِّ للبحوث الجنائيَّة والسِّياسيَّة، فإنَّ متوسِّط مشاركة الشَّباب في الانتخابات والعمل السِّياسيِّ والعام لا تزيد عن 5% فقط.
"فور شباب" استطلع آراء عددٍ من الشَّباب والخبراء والأكاديميِّين حول مفهوم العمل التَّطوعيِّ لديهم، وأسباب عزوف الشَّباب العربيِّ عن المشاركة فيه.
"لكي أُسْعِدَ النَّاس".. هكذا قالت إسراء أبو الغيط، وهي تشرح لنا مفهومها حول العمل التَّطوعيِّ، وأسباب انخراطها فيه، وأضافت: "العمل التَّطوعيُّ هو عملٌ بدون مقابلٍ لإسعاد النَّاس، وإسعاد من هم في أمسِّ الحاجة إليه".
واستطردت قائلةً : "إذا كانت بذرة الخَير مزروعةً داخل الإنسان؛ فإنَّ ذلك يؤدِّي إلى زيادة مشاعر المحبَّة بين النَّاس، وإزالة الأحقاد والمشكلات فيما بينهم، وهذه البذرة هي التي تدفع الإنسان إلى أنْ يستغلَّ وقته ويبذل جهده كاملاً في خدمة الآخرين".
من جانبها قالت هند جلال، وهي إحدى المشاركات في برنامج "مُجدِّدون": "العمل التَّطوعيُّ يعني استقطاع جزءٍ من الوقت لإفادة المجتمع؛ حيث إنَّنا نعيش في مجتمعٍ فيه بعض النَّاس لديهم احتياجاتٌ، والبعض الآخر لديه ما يُعطيه".
وأشارت إلى أنَّ العملَ التَّطوعيَّ يبدأ بفكرةٍ في ذهن الإنسان، أو ملاحظةٌ أنَّ هناك إنسانٌ آخر لديه احتياجٌ ما يجب معاونته في سدِّه، أو الشُّعور بأنَّ هناك خللٌ في المجتمع، ومن ثَمَّ يبدأ العمل والتَّنفيذ".
 إلا أنَّها أشارت إلى ضرورة عدم قصر الجهد التَّطوعيِّ على الشَّبابِ فحسب، ودعت إلى الاستفادة من طاقات وخبرات الآباء ومَن هُم أكبرُ في السِّنِّ، وخصوصًا في الأمور والقضايا التي تحتاج إلى خبرةٍ في التَّعامُل.
وحول البرنامج الذي تعمل من خلاله في خدمة مجتمعها، قالت لـ"فور شباب" إنَّ برنامج "مُجدِّدون" أثبت أنَّه ليس هناك شيءٌ مستحيلٌ، وعلى العكس، فقد زرع فيَّ القُدرة على التَّفكير السَّريع، والإبداع الخلاق، والتَّنفيذ والقدرة على الإنجاز في فترةٍ قصيرةٍ".
وقالت هند إنَّها غير راضيةٍ عن واقع مشاركة الشَّباب العربيِّ في العمل التَّطوعيِّ، وذَكَرَتْ أنَّ هناك شريحةٌ كبيرةٌ "لا تمارس العمل التَّطوعيُّ بسبب عدم إيمانها أصلاً بالفكرة".
قناعةٌ دينيَّةٌ
وفي هذا السِّياق، أكَّد أحمد شاهين، وهو ناشطٌ في العمل التَّطوعيِّ من خلال عمله في جمعيةٍ تسمَّى "جمعيَّة أجيال لتنمية الطِّفل"، على أنَّ أيَّ إنسانٍ لابدَّ وأن يكون له دورٌ في تنمية المجتمع المٌحيط به، سواءٍ أكان ذلك المجتمع عائلتَه أو الحيَّ الذي يسكُن فيه، أو أيِّ نطاقٍ يُحيط به، صغيرا كان أم كبيرا.
كما أكَّد على أنَّ عائد العمل التَّطوعيِّ كبيرٌ على الفرد الذي يغرس فيه ثقافة إغاثة الملهوف وحبِّ النَّاس وعمل الخير للآخر بدون مقابلٍ، وكذلك على المجتمع، في المساعدة على نموِّه والارتقاء به".
واستطرد قائلاً إنَّ العمل التَّطوعيَّ "يبدأ بإيمانك بفكرةٍ ما، وتفانيك في تحقيقها، ومدى استعدادك للتَّضحية من أجلها وصدق حُبِّك لها، والنِّهاية المحسومة لهذه البداية هي النَّجاح ورؤية الثَّمرة إن شاء الله تعالى".
وأكد شاهين على أنَّ العوامل المُحرِّكة للفرد لكي ينخرط في العمل الخيريِّ أيًّا كانت نوعيَّتَه، هي "قناعة الفرد الدِّينيَّة، وتربيته الأُسَرِيَّة، وحبِّه للعمل الخيريِّ، ورغبته في إسعاد النَّاس، فكل ذلك مزيجٌ يستمدُّ الفرد منه رغبته في العمل التَّطوعيِّ.
وانتقد من جانبٍ آخر ضعف مشاركة الشَّباب العربيِّ في مجالات العمل التَّطوعيِّ، وقال إنَّ هذه المشاركة "محدودةٌ وتفتقر إلى الإبداع والتَّميُّز".

"واجبٌ على كلِّ مسلمٍ"
من جهته ينظر عمر جلال، مدير فريق العمل في "جمعيَّة أجيال لتنمية الطِّفل"، إلى العمل التَّطوعيِّ نظرةً ذات صبغةٍ شرعيَّةٍ، وقال إنَّ العمل التَّطوعيَّ "واجبٌ على كلِّ إنسانٍ مُسلمٍ لديه رسالةٌ يُقدِّمُها".
وأضاف: "إنَّه من خلال العمل التطوعيِّ نستطيع أنْ نُعطي ما نملكه نحن، وما يفتقده الآخرون، وفي الإطار يجني الفرد من خلال ذلك ثوابًا عَظيمًا، وكذلك يدفع عجلة المجتمع إلى الأمام، وأهمُّ شيءٍ بالنِّسبة لمن يعمل في المجال التَّطوعيِّ، هو التَّركيز على تحقيق الهدف لجني الثِّمار في النِّهاية".
واتفق معه في الرؤية كريم مصطفى، وهو أحد نشطاء الجمعيَّة، وقال: "العملُ التَّطوعيُّ هو عملٌ للهِ لا أبتغي من خلاله أجرًا مادِّيًّا أو دنيويًّا، ولكن ابتغي من ورائِه الأجر من الله تعالى"، مُذكِّرًا بحديث شريف للرَّسول "صلَّى الله عليه وسلم" قال فيه: "إنَّ لله عبادًا اختصَّهم بقضاء حوائجِ النَّاس".
وأضاف قائلاً: "إنَّ حبَّ العمل الذي نؤدِّيه هو الذي يحكم العمل التَّطوعيَّ، ولا يرتبط ذلك بسنٍّ مُعيَّنٍ ولا وقتٍ مُعيَّنٍ".
أمَّا سيف الإسلام عبد الَّلطيف فقال إنَّ العمل التَّطوعيَّ بالنسبة له "هو عملٌ خدميٌّ ينفعُ النَّاس، لكن لا يجب أنْ يستفيد المُتطوِّعُ منه مادِّيًّا، ولكن يبتغي من خلاله الأجر والثَّواب من الله تعالى، ويكسب من خلاله معارفَ وأصدقاء، ويكون من خلاله عُضوًا فعَّالاً في المجتمع".
وأشار إلى أنَّه من بين الفوائد المعنويَّة التي يجنيها الفرد والمجتمع من العمل التَّطوعيِّ هو أنَّه "يُقوِّي الرَّوابط بين النَّاس، كما أنَّه من ناحيةٍ أخرى يُقلِّل من السَّخط العام في المجتمع، ويُقلِّل من مُعدَّلات الجريمة؛ حيث يشغل أوقات الشَّباب بما ينفع".
يبدأ بفكرةٍ
من جهته قال الدُّكتور يسري الطحاوي المسئول عن قسم السُّفراء في الإغاثة الإسلاميَّة في باتحاد الأطباء العرب: "إنَّ العملَ التَّطوعيَّ يبدأ بفكرة في ذهن الفرد، تليها الملاحظة التي تدفع إلى البحث والاستقصاء، ومِنْ ثَمَّ يشرع الفرد في التَّنفيذ".
وأضاف إنَّ هذه الخطوات هي الخطوات الأساسيَّة التي يجب أنْ يسلكها الذي يعمل في الأنشطة التَّطوعيَّة.
وانتقد الطَّحاوي من جانبٍ آخر تدنِّي مستوى إقبال الشَّباب على العمل التَّطوعيِّ في العالم العربيِّ، وقال: "6% فقط من الشَّباب العربيِّ يستغلون طاقاتهم وجهودهم في العمل التَّطوعيِّ، في مُقابل نِسبة 100% بين أوساط الشَّباب الإسرائيليِّ".
وكانت دراساتٌ عدَّةٌ قد ذكرت أنَّ العالم العربيِّ يعرف أعلى مُعدَّلات البطالة في أوساط الشباب في العالم، بعد بلدان أفريقيا السَّوداء جنوب الصَّحراء، وهو ما يتضافر مع عوامل أخرى في عزوف الشَّباب العربيِّ عن المشاركة السِّياسيَّة والمجتمعيَّة، بحسب العديد من هذه الدِّراسات.
ووفق تقريرٍ لمجلس الوحدة الاقتصاديَّة، التَّابع لجامعة الدول العربية، وبرنامج الأمم المُتَّحدة الإنمائيِّ "UNDP"، فإنَّ نسبة البطالة في العالم العربيِّ خلال العِقد الحالي تتراوح ما بين 15% إلى 20% في المتوسِّط، مع زيادتها في بعض البلدان عن ذلك كثيرًا، كما في العراق وقطاع غزَّة؛ حيث تصل في العراق إلى 25% من إجمالي القوَّة البشريَّة في سنِّ العمل، وتتضاعف في حالة قطاع غزَّة المُحاصَر.
وقد أدَّت هذه الأوضاع وطبيعة اقتصاديات البلدان العربيَّة إلى انخفاض مستوى دخول الأفراد في العالم العربيِّ، إلى ما دون الـ1500 دولار سنويًّا، وهو ما زاد من معدلات الفقر في هذه البلدان، بمتوسطات تتراوح ما بين 40% إلى 80% في بعض البلدان.
 وفي الإطار، تقول الدُّكتورة أماني قنديل، المديرة التَّنفيذيَّة للشَّبكة العربيَّة للمُنظَّمات الأهليَّة: "إنَّ هناك مجموعةٌ من العوامل الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسِّياسيَّة التي تُفسِّر لنا انخفاض مشاركة الشَّباب العربيِّ في العمل العام".
وأشارت إلى أنَّه هناك حاجةٌ إلى أنْ تقوم المُؤسَّسات الاجتماعيَّة، وخصوصًا الأسرة والمدرسة بدورها في توجيه اهتمامات الأبناء إلى أهمِّيَّة العمل في خدمة المجتمع المحليِّ، وترسيخ قيمة التَّطوُّع ومساعدة الآخرين في نفوسهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire